الجمعة، 27 مارس 2020

يوميات الطفولة



يوميات  الطفولة
في كل صباح تنكتب حكايته،  فيحمل القلم ويختار ما يختاره من يومياته، تاريخه وماضيه، يسترجع الآن وفي هاته اللحظات تلك الأيام الجميلة، في باديته في عالمه الأجمل.
كان علي يستمتع بوقته في حظيرة جدته ومنزلها الطيني ، وينسج في كل يوم عالمه الخاص، فقد كان يحب اللعب كثيرا،  ويستمتع بسقاية النباتات ، ويطارد الأرانب ويسابق الدجاج ويراقب الغنم ويتسلق في تلك النخلة الشامغة العامرة.
حيوية علي ونشاطه جعلاه محبوبا لدى أهل القرية وكانوا يستقبلونه أشد استقبال ويفرحون بقدومه، وهو بدوره حرص على زيارتهم في الأعياد والمناسبات حتى بعد أن كبر في السن، وظل وفيا ومدينا لهم بلحظات الحب التي كانوا يغمرونه بها.
يتبع...

السبت، 21 مارس 2020

وقفة مع الذات

وقفة مع الذات




كثيرا ما أجد نفسي وذاتي تريد أن تتكلم و تعبر وتنطق ، في محاولة منها لفهم ما يجري في كنهها ، وتخرج من هذا التياهان و الذوبان في رياح الواقع الاجتماعي  ، فلا طالما انتابني الشعور بالضياع و الغربة ، وبدأت أطرح سؤال من أكون ، أين أنا ، وفي أي طريق أجول ، وأعتقد اليوم وفي هذه اللحظات التي سرقت مني وقتا من الضياع ، لتجرفني ولتنبهني كي أعطي فرصة لذاتي ونفسي كي تعبر وتنطق عما يجول فيها ، لكنها وجدتني عنيدا ومن أنا لكي أعاندها ولماذا ، لماذا أعماقي تنذرني وأحس وكأني منفصل عن نفسي ، أحس بها من الداخل ، أشعر بها تتألم ، وكأنها تريد أن تخرج مني وكأن وعائي لم يعد ينسجم معها أم أني لم أعد أحتمل أعبائها و أثقالها فمن أنا ومن أكون وكيف سأكون ...
أسئلة محيرة ، مقلقة تخالجني في الفينة و الأخرى ، شاءت اللحظة و الآن حتى اكتب هاته الكلمات وأنا أستشعر بعمق انه لا بد لي من وقفة مع الذات ، فما ذاتي ونفسي ما التحولات و التغيرات التي شهدتها ، بين متغيرات الماضي و الحاضر ، أين أجد نفسي أم متى تجدني ، ما السبيل إلى اتساق وانسجام بين الروح والجسد ، والى أين ينبغي المسير للخروج من الضياع إلى بر الأمان؟
دعيني انطق و أتكلم يا نفس ، دعني أعبر وأشعر يا إحساس ، دعوني و شأني فكوا أغلالي ، أتركوني أذهب لحالي ، كفى ، كفى ،كفى... دعوني أجد نقطة البداية ، الخيط الناظم ، عنوان الوجود و الحياة ... أنا لم أخلق لهذا أو ذاك ، بل أعظم من هذا و ذاك... لذا مهما قاومتي يا نفسي ومها فعلتي فلن تثنيني عما أريد وعما اطمح إليه .
كان لا بد من البداية بهاته الكلمات التي أتت لوحدها ربما لأنها أرادت أن تأتي أو ناديتها خلسة لتعبر عما حل بي ، ففي هذه السنوات الأخيرة أجد نفسي تائها حقا ، وأصبحت الرياح العابرة تأخذني متى مرت وهبت ،تسرح بي و تدور بي وتتركني مغيب الذهن تائها ، وعندما أريد العودة لا أستطيع ، أكتمل الطريق في ضبابة كاحلة ، مغامرة تغمر بي لتعيش مغامرتها من خلالي ،لتفوز الأهواء و يجرفني الخواء في النهاية بسرعة و هرولة تغدوا حلما يشتاق للحلم لكنه الواقع .
بدأت الحرب من جديد لماذا دعيني اكتب لماذا دائما خطاب توقف لا تفعل ، هذا ما لا أطيقه ، دعيني ما دام الضياع أعطاني فرصة لأعود للأنا ، دعيني مادام الإحساس منحني ثوان للشعور ، عفوا عما كتبت ،فكما تعلمون الحرب مستمرة مع النفس... لكن اعذروني قد هزمت مرة أخرى سأعود متى سنح لي الضياع ، دعو نفسي الآن تفعل بي ما تشاء .
عدت من جديد ربما لأني أردت العودة ، بعد مشقة مع النفس ، صيحات و أهازيج ، أطفال وصبيات يهتفون يغنون يلعبون ، فرحون بقدوم العيد ، بينما أجد نفسي وحيدا في غرفتي ، الفراغ يقتلني ، رغم أنني مشغول بأمور لا تكاد تفصح عن نفسها وأبحث عن كنهها ، لماذا تبعثرت حياتي ، لماذا انشق فؤادي وعقلي... موسيقى هادئة شاءت الأقدار أن أنصت إليها وأنا أدون هنا و الآن ، تأخذني للحظات لكني أعود لأكتب ، وكأنها تلهمني وتوحي لي بما أكتب فمن يدري ما الذي يقع الآن . ومن يدري وكيف ادري فأنا الغائب الحاضر ، العاقل المجنون ، بل حتى أن المجنون يستشعر وجوده بين الفينة و الأخرى لكني غائص متعمق في الضياع فمتى العودة ومتى الرجوع إلى الديار .
أنا الضاحك الباكي ، في هنيهة من هذا بدأت اضحك على نفسي لكن أليس هي التي تضحك علي ، ربما بلى ، لكن لما الضحك أليس الأصوب هو البكاء ، ربما هذا قد يكون أيضا ، لكن ماذا يمكن أن أقول عني عندما أتموقف بين هذا و ذاك ، ليس بكاء أو ضحكا ، بل خمود ، دهشة حقيرة ، توقف عن الحراك الذهني و العقلي... أكاد انفجر ، بينما الانفجار لا يريد أن يسعفني أو يفك أسري...لا طالما أردت الكلام و التفريغ لمحتواي لكن لم أجد من ينصتي لي ربما لأنني غير مفهوم أو الآخرون يتغاضون عن فهمي ، ومن قال أني أريد أن أتكلم للآخرين ، فقط أردت التكلم مع نفسي وأردت محاورتها بعدما طالها القمع دوما ، والتنقيص حتى غدت تفقد مقوماتها وثقتها في نفسها ، دعونا نكن منصفين لكي نفهم و نفسر ما الذي وقع لنفسنا من مخاض وتحول وانفجار أثر بدون شك على سيرورتها حياتيا وبسيكواجتماعيا حتى نستطيع اقافها عما تجمح إليه دون مجرى متزن تسير عليه ، معرفة كل هذا تتطلب حوار داخليا معها حتى تفوح لي بأسرارها ، لكن لا أعتد ذلك سيحدث الآن إنها في هاته اللحظات متعبة تريد أن تستريح فلنا عودة متى سنح الضياع طبعا.