السبت، 21 مارس 2020

وقفة مع الذات

وقفة مع الذات




كثيرا ما أجد نفسي وذاتي تريد أن تتكلم و تعبر وتنطق ، في محاولة منها لفهم ما يجري في كنهها ، وتخرج من هذا التياهان و الذوبان في رياح الواقع الاجتماعي  ، فلا طالما انتابني الشعور بالضياع و الغربة ، وبدأت أطرح سؤال من أكون ، أين أنا ، وفي أي طريق أجول ، وأعتقد اليوم وفي هذه اللحظات التي سرقت مني وقتا من الضياع ، لتجرفني ولتنبهني كي أعطي فرصة لذاتي ونفسي كي تعبر وتنطق عما يجول فيها ، لكنها وجدتني عنيدا ومن أنا لكي أعاندها ولماذا ، لماذا أعماقي تنذرني وأحس وكأني منفصل عن نفسي ، أحس بها من الداخل ، أشعر بها تتألم ، وكأنها تريد أن تخرج مني وكأن وعائي لم يعد ينسجم معها أم أني لم أعد أحتمل أعبائها و أثقالها فمن أنا ومن أكون وكيف سأكون ...
أسئلة محيرة ، مقلقة تخالجني في الفينة و الأخرى ، شاءت اللحظة و الآن حتى اكتب هاته الكلمات وأنا أستشعر بعمق انه لا بد لي من وقفة مع الذات ، فما ذاتي ونفسي ما التحولات و التغيرات التي شهدتها ، بين متغيرات الماضي و الحاضر ، أين أجد نفسي أم متى تجدني ، ما السبيل إلى اتساق وانسجام بين الروح والجسد ، والى أين ينبغي المسير للخروج من الضياع إلى بر الأمان؟
دعيني انطق و أتكلم يا نفس ، دعني أعبر وأشعر يا إحساس ، دعوني و شأني فكوا أغلالي ، أتركوني أذهب لحالي ، كفى ، كفى ،كفى... دعوني أجد نقطة البداية ، الخيط الناظم ، عنوان الوجود و الحياة ... أنا لم أخلق لهذا أو ذاك ، بل أعظم من هذا و ذاك... لذا مهما قاومتي يا نفسي ومها فعلتي فلن تثنيني عما أريد وعما اطمح إليه .
كان لا بد من البداية بهاته الكلمات التي أتت لوحدها ربما لأنها أرادت أن تأتي أو ناديتها خلسة لتعبر عما حل بي ، ففي هذه السنوات الأخيرة أجد نفسي تائها حقا ، وأصبحت الرياح العابرة تأخذني متى مرت وهبت ،تسرح بي و تدور بي وتتركني مغيب الذهن تائها ، وعندما أريد العودة لا أستطيع ، أكتمل الطريق في ضبابة كاحلة ، مغامرة تغمر بي لتعيش مغامرتها من خلالي ،لتفوز الأهواء و يجرفني الخواء في النهاية بسرعة و هرولة تغدوا حلما يشتاق للحلم لكنه الواقع .
بدأت الحرب من جديد لماذا دعيني اكتب لماذا دائما خطاب توقف لا تفعل ، هذا ما لا أطيقه ، دعيني ما دام الضياع أعطاني فرصة لأعود للأنا ، دعيني مادام الإحساس منحني ثوان للشعور ، عفوا عما كتبت ،فكما تعلمون الحرب مستمرة مع النفس... لكن اعذروني قد هزمت مرة أخرى سأعود متى سنح لي الضياع ، دعو نفسي الآن تفعل بي ما تشاء .
عدت من جديد ربما لأني أردت العودة ، بعد مشقة مع النفس ، صيحات و أهازيج ، أطفال وصبيات يهتفون يغنون يلعبون ، فرحون بقدوم العيد ، بينما أجد نفسي وحيدا في غرفتي ، الفراغ يقتلني ، رغم أنني مشغول بأمور لا تكاد تفصح عن نفسها وأبحث عن كنهها ، لماذا تبعثرت حياتي ، لماذا انشق فؤادي وعقلي... موسيقى هادئة شاءت الأقدار أن أنصت إليها وأنا أدون هنا و الآن ، تأخذني للحظات لكني أعود لأكتب ، وكأنها تلهمني وتوحي لي بما أكتب فمن يدري ما الذي يقع الآن . ومن يدري وكيف ادري فأنا الغائب الحاضر ، العاقل المجنون ، بل حتى أن المجنون يستشعر وجوده بين الفينة و الأخرى لكني غائص متعمق في الضياع فمتى العودة ومتى الرجوع إلى الديار .
أنا الضاحك الباكي ، في هنيهة من هذا بدأت اضحك على نفسي لكن أليس هي التي تضحك علي ، ربما بلى ، لكن لما الضحك أليس الأصوب هو البكاء ، ربما هذا قد يكون أيضا ، لكن ماذا يمكن أن أقول عني عندما أتموقف بين هذا و ذاك ، ليس بكاء أو ضحكا ، بل خمود ، دهشة حقيرة ، توقف عن الحراك الذهني و العقلي... أكاد انفجر ، بينما الانفجار لا يريد أن يسعفني أو يفك أسري...لا طالما أردت الكلام و التفريغ لمحتواي لكن لم أجد من ينصتي لي ربما لأنني غير مفهوم أو الآخرون يتغاضون عن فهمي ، ومن قال أني أريد أن أتكلم للآخرين ، فقط أردت التكلم مع نفسي وأردت محاورتها بعدما طالها القمع دوما ، والتنقيص حتى غدت تفقد مقوماتها وثقتها في نفسها ، دعونا نكن منصفين لكي نفهم و نفسر ما الذي وقع لنفسنا من مخاض وتحول وانفجار أثر بدون شك على سيرورتها حياتيا وبسيكواجتماعيا حتى نستطيع اقافها عما تجمح إليه دون مجرى متزن تسير عليه ، معرفة كل هذا تتطلب حوار داخليا معها حتى تفوح لي بأسرارها ، لكن لا أعتد ذلك سيحدث الآن إنها في هاته اللحظات متعبة تريد أن تستريح فلنا عودة متى سنح الضياع طبعا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق