الجمعة، 6 ديسمبر 2013

ما الذي تفضحه السوسيولوجيا؟ !

ما الذي تفضحه السوسيولوجيا؟ !



14 أبريل 2013 الساعة 48 : 21
عبدالعالي الصغيري *

كثيرا ما نجد مقولة الراحل بول باسكون، والتي مفادها أن " السوسيولوجي هو الذي تأتي الفضيحة عن طريقه" تتداول بين الباحثين والمتخصصين من طلبة وأساتذة في علم الاجتماع بالمغرب، لكن دعونا نسائل هذه المقولة عن صحتها في الواقع و المختبر الاجتماعي،  فهل السوسيولوجي مهمته فضح المتستر عنه اجتماعيا، أم فهم لماذا المجتمع يبدي أشياء و يتستر عن أخرى،فما الذي تفضحه السوسيولوجيا؟ ،لماذا؟ وكيف؟

قد لا تخلو كل ثقافة ثقافة ، وكل مجتمع مجمتع مما هو مخفي وما هو مرئي باد للعيان، وقد يكون ذلك بشكل طبيعي عفوي تلقائي أو مصطنع مفبرك لا يعكس حقيقة الأشياء، وهكذا نكون بصدد الرسمي و اللا رسمي ، الوهم و الحقيقة ، المسكوت و اللا مسكوت عنه .. ،فلماذا يخفي المجتمع أشياء و يبدي أخرى ؟ وبأية معايير يمأسس البناء الثقافي هكذا؟ ، وما الرهانات الخفية وراء ذلك؟ أسئلة تبقى ممكنة لفك تلك الشفرات العالقة من داخل الخزان و المنتوج الاجتماعي، سنسافر بها في واقعنا الاجتماعي الذي يفترض في حقه أنه يأخذ من الصمت والسكوت صمام أمان من أجل الاستمرارية والاتجاه قدما واضعا في الغالب نقط النهاية ليكتب شيئا جديدا. فكيف ذاك؟

الحديث عن هذا الموضوع يدفعنا الى مساءلة معنى ثقافة المسكوت عنه وفق ما يروج له في التمثل العامي، وهو ما يمكن تأطيره في ما يسمى ثقافة العيب، الحشومة و العار، كيف تتأسس هذه الثقافة وفق المخيال الجمعي؟

لابد في البداية من تحديد ما الذي نقصده بالمسكوت عنه، رغم أن الكتابات العلمية في هذا الصدد ضئيلة، لكن، نرصد من بين التعريفات الاجرائية كون "المسكوت عنه هو التسليم طواعية أو كرهاً بعدم الحديث وتبادل الآراء والمعرفة أو إعادة دراسة الكثير من الوقائع والأحداث أو المفاهيم المستورة أو المخفية بسب الخوف من المجتمع، وذلك لأن الأمر أو الموقف أو السلوك أو الحديث يعتبر ضمن المحرم إجتماعياً أو الشائع أو المعروف عنه "العيب". فتتحول عبر ذاكرة المجتمع العديد من الموضوعات والقضايا إلى دائرة المسكوت عنه ، فيلفها الغموض والإخفاء، فالنسيج الاجتماعي في مجتمعاتنا يقوم على ما إستقر في قاع الموروث الثقافي والاجتماعي والفكري من أمور نرفض إستدعاءها وجعلها في دائرة المتاح أخذا وعطاءاً من أجل حركة إجتماعية متحررة من تلك المواريث والتي لا تعبر عن مصلحة شرعية أو دنيوية، والنبي (ص) في مسيرة إحياء قيم ومعاني التدين أبطل الكثير من موروث العادات والتقاليد لعدم نفعها أو لضررها وعدم إتساقها والإنسان المكرم بالعقل والتمييز1.

إذا فهل يستطيع السوسيولوجي بهذا الدور الذي قلده إياه الراحل باسكون أن يحرر الإنسان المغربي من التخبط في ثقافة الموروث التي تعرقل التقدم الحضاري و الثقافي ،هذا من جهة ، من جهة أخرى ألا يمكن القول أن السوسيولوجي الذي تأتي الفضيحة عن طريقه يخلخل التوازنات الماكروثقافية والمدلولات الرمزية للمجتمع الذي هو في غنى عن الكشف عن مسكوتاته ومتسراته ولايريد الإفصاح عنها، حتى وإن "غطيت الشمس بالغربال" كما في المدلول العامي لعلها تحجب مرارة الواقع للتعايش معه بمره و حلوه ، فمجتمعنا رغم المشاكل التي يعرفها من فقر، بطالة وتهميش... لا زال يتعايش مع واقعه ولا زال الشعب المغربي لم يخرج بعد من حفلاته التنكرية ومقولة العام زين..على ميزان مهرجان موازين..، وها هي أيام الصيف القادمة ستبدي لنا العجب العجاب من داخل مجتمعنا المركب أو المزيج بلغة الراحل باسكون دائما، فما الحاجة الى الفضيحة السوسيولوجية وما الحاجة الى افساد الحفلات التنكرية كما عبر بذلك بيير بورديو " إن علماء الاجتماع أشبه ما يكونون بمشاغبين يفسدون على الناس حفلاتهم التنكرية " .ما دام مجتمعنا يهوى لباس الاقنعة ويتقن لعبة التخفي والهروب الى الأمام دون عناء تصحيح المسار الثقافي والهوياتي ووضع تلك اللبنات و الأسس المشكلة لمنطلق الحضارة والثقافة والتقدم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق