مكناس في 20شتنبر2013 00:51
دوزيم : مدمرة القيم.
أضحى الإعلام في مجتمعات الألفية الثالثة
يلعب دورا رياديا في التأثير على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، الاقتصادية،
السياسية والثقافية ونظرا لهذا الدور الطلائعي الذي يتقلده الاعلام اليوم فإن
السؤال الذي يطرح نفسه هو، كيف يتم تصريف هذا الإعلام من داخل المجتمعات؟ من يتحكم
في الإعلام؟ ما الأهداف والأبعاد؟ وهل هناك ديمقراطية إعلامية؟ من خلال هذه
التساؤلات الجوهرية سنسائل القناة الثانية المغربية من خلال الجدل الذي تحدثه لدى
العديد من النخب والمثقفين والسياسين؟
سنعالج من
خلال هذه الورقة التأثير الذي أصبحت تحدثه القناة الثانية على قيم المغاربة
وأخلاقهم بغزوها الممنهج للفضاء الأسري المغربي الذي يعرف يوما بعد يوم جملة من
التنازلات القيمية والأخلاقية، لعل أبرزها موجه لضرب عفة المغاربة ونخوتهم وشرفهم،
وهو ما تعكف على تمريره المدمرة دوزيم في حربها على الأخلاق والحشمة والعفة من
خلال مسلسلات هجينة تأخذ حصة الأسد من البث، والخطير في الأمر هو أن الآباء
والأمهات الموكول إليهم دور التربية والرعاية انغمسوا بدورهم في هذا المخاض
ليتقاسموا مع أبنائهم وبناتهم قصصا غرامية وثقافات دخيلة بعيدة كل البعد عن عالمنا
القيمي والأخلاقي، وعوض أن يكون النقاش المنزلي نقاشا ثقافيا أو علميا أو عن أحوال
الدراسة والعمل، تأخذ أحداث المسلسل ولقطات الحلاقات كل أطراف الحديث ولم يعد من
خجل أو حشمة في مشاهدة لقطات أو كلمات تخدش الحياء والعفة والكل مطبع مع الوضع.
إن الأمر لا
يقف عند هذا الحد بل يغزوا حديث الشباب والشبات من داخل الثانويات والجامعات وفي
الشارع العام، ليتم تنزيل ذلك في واقعهم المعاش، وكم هي العلاقات الغرامية اليوم
في مؤسساتنا التعليمية وشبكات المخدرات والعصابات المنظمة التي ساهم الإعلام في
صناعتها ولا زال ولم يتورع بعد، وهذا في اعتقادنا من الأمور التي أعاقت المعرفة
وجعلت المستوى الثقافي للتلميذات والتلاميذ في مستوى الحضيض، وليس غريب أن نجد
إحدى الجامعات البريطانية تفصل بين الذكور والإناث.
تتميز كذلك
القناة الثانية بمنهجها الاقصائي لكل البرامج التثقيفية والتوعوية وتبقى قابعة في
برامج الرقص والغناء وكأنها ترقص على جراح المغاربة الثقافية والاجتماعية، إنها
أفيون المغاربة المدمر للثقافة والقيم والمنتج للعار بكل ما يحمله هذا المفهوم من
معنى، لأن المنتوج الذي تقدمه للمغاربة يخفي ويضمر في طياته وفي خفاياه قيم الانحلال
والتفسخ والجهل من خلال تغييب الوعي الثقافي والقيمي والطبقي حتى لدى المغاربة.
قد يعتقد
البعض أن إعادة الأذان لدوزيم هو انتصار ثقافي وقيمي لكنه يبقى غير مجد في ظل هذا
الفساد المستشري في ضرب الثقافة والقيم في صميم المؤسسات الاجتماعية التي تهوي
يوما بعد يوما في فخ وكمين هذه المدمرة ، وذلك لأنها لا تحترم الخصوصيات الثقافية
والقيمية للمجتمع المغربي المبنية على العفة كما هو معروف في القيم الاسلامية لدى
المغاربة كالكرم،التسامح والتضامن الإجتماعي، هذا فضلا عن خلفيتها السياسيوية
وديكتاتوريتها في تنزيل البرامج السياسية والتوعوية عبر تغليب فئات وآراء على حساب
أخرى.
بالإضافة إلى أن
دوزيم مدمرة القيم فهي تصنع وتخلق عدة إشكالات ومشاكل إجتماعية كالتفكك الأسري،
تغييب الثقة بين أفراد المجتمع، تضليل الرأي العام والمساهمة في تفشي الجريمة كما
هو الشأن في برنامج أخطر المجرمين الذي يرسم صورة سلبية عن المواطن المغربي والذي
يربط ارتكاب الجرائم بالفئات المهمشة والمحرومة اجتماعيا ويتغاضى عن الجرائم التي تساهم
في اختلاق هذا كله كجرائم اختلاس المال العام والجرائم الانتخابية ونهب خيرات
البلاد واحتكار الاقتصاد، وجرائم دوزيم، كل هذا ساهم في خلخلة جملة من القيم في
مجتمعنا المغربي وساهم في انعدام الأمن الروحي والمادي، لهذا يمكن القول أن دوزيم
مدمرة القيم.
عبدالعالي
الصغيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق