الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

سيكيزوفرينيا تدبير الشأن الحضري بمكناس

سيكيزوفرينيا تدبير الشأن الحضري بمكناس.
مكناس في 08/11/2013
الساعة:  20:42
في الوقت الذي يتم فيه الحديث اليوم عن المدينة كمدخل أساسي للتنمية والحكامة الجيدة وهلم من الشعارات التي أعيت مسامعنا من قبيل التدبير التشاركي، والنهوض الإقتصادي وتحقيق العدالة الإجتماعية أو النهوض بالوضع الثقافي، ها هي اليوم مدينة مكناس تعكس الصورة الحقيقية لتدبير المدينة بالمغرب التي تتلخص معالمها في اللاأفق واللاإستراتيجية في التدبير عبر سيادة منطق الإرتجالية والتحايل على ساكني المجال المكناسي الذي يعيش الهشاشة والفقر والتهميش الذي تكرسه السياسة العمومية المهترئة والمنخورة من الداخل.
في هذه الأيام وقبيل الزيارة الملكية المرتقبة للمدينة تظهر معالم هذه السيكيزوفرينيا التي انتقلت من مستوى الفرد والمجتمع لتتمأسس وتستوطن في المؤسسات الساهرة على تدبير المشترك والشأن العام. حيث لاحظ المواطنون والطلبة والمثقفون...ما يجري في المدينة من تحول فجائي بين عشية وضحاها من حيث الشكل لا المضمون، تجلت معالمه في زرع نخيل التزيين في الشوارع الرئيسية والورود وتبليط بعض الشوارع الرئيسية التي طالها النسيان، ثم العزوف الحاصل لدى الكثير من المقاهي والمحلات، مواقف السيارات عن احتلال الملك العام أو الفضاء العام كالمعتاد، هذا فضلا عن دوريات الأمن، القوات المساعدة، دوريات شركات النظافة..إنه النفير العام...
ما الذي تحاول في الحقيقة أن تقوله الجماعة الحضارة لمكناس أو المسؤولون عن تدبير وتسيير شؤون المدينة، ما الصورة المفبركة التي يحاولون التسويق لها عن واقع المدينة المزري والمخزي، ولماذا يحرصون أشد الحرص عن عدم المصالحة مع واقع المدينة، لماذا لا يريدون النظر إلى وجوههم في المرآة، لماذا لا يكشفون عن مشاكل المدينة ومما تعاني حتى يتم العمل على تجاوز ذلك...إنه حقا نفاق المؤسسات والسياسات التي أفقدت المواطن عقله وثقته...، لماذا مثلا لا يتحدثون عن حرمان الطلبة الحاملي للبكالوريا من التسجيل بكلية الآداب بعدما وعدهم العميد بالتسجيل وعن تعنيف الطلبة المعتصمين بالحي الجامعي لا لشيء إلا لانهم يريدون رغيفا من الخبز وسكنا يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء...لماذا لا يتحدثون عن مؤسساتنا المدرسية المغرورقة بالمخدرات والتحرشات الجنسية، وعن شوارعنا التي تعيش اللاأمن حتى أضحى المواطن يحس بانعدام الأمن ويدبر الزمان والمكان في كل وقت...لماذا لا يتحدثون عن الفعل الثقافي بمكناس الذي لم يخرج من بوثقة الدوران وإعادة انتاج نفسه كما هو حال الحلقة بالهديم، أو دور السينما التي تنقرض يوما بعد يوم، أو معالم مكناس التاريخية التي تتساقط وتخر معها الذاكرة الجماعية للمدينة...، ولماذا لا يتحدثون عن تغير القيم وتفكك الروابط، عن اقتصاد المدينة غير المهيكل وعن مقاولاتها ومؤسساتها التي تسوقها عقلية الربح على حساب الأزمة، عن وضعيات المستشفيات والمشردين، والمحرومين...
إن الإستمرار في هذا المسار يعكس في الحقيقة غياب الإرادة الفعلية للنهوض بالمدينة المغربية اليوم، التي تتطلب تغييرا جدريا للعقليات الإنتخابوية والموسمية في أفق التأسيس لفعل عمومي مبني أولا على الأخلاق والتخليق للفعل العمومي، ثم الإشراك الحقيقي لجميع الفاعلين وفي مقدمتهم المجتمع المدني والمواطنين، كذلك الإنفتاح بشكل رئيسي على الجامعة والفاعلين الأكاديمين لتشخيص واقع المدينة من أجل الكشف عن مكامن الخلل والعطب، أمر آخر تفعيل منطق المحاسبة والمساءلة. وفي الأخير نتمنى أن تكون الزيارة الملكية للمدينة بداية الشرارة لتغيير حقيقي ينهض بواقع المدينة إلى الأفضل.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق